أساليب غرس القيم وتنمية الاتجاهات التربوية
نواصل ما بدأ ناه فى العدد السابق حول أمثلة للأساليب والأنشطة التربوية التى يمكن من خلالها غرس الاتجاهات والقيم الحميدة فى نفوس أعضاء الحركة الكشفية فى مختلف المراحل.
غرس قيم الوفاء والعرفان بالجميل
فى زمن تغلبت فيه مظاهر الحياة المادية ومتطباتها الصعبة وتلاشت فيه أو ضعفت معالم المعانى الجميلة والقيم الإنسانية الرفيعة التى كانت تميز الشعوب العربية والإسلامية ، فأصبح الوفاء نادرا والاعتراف بجميل الآخرين وتقديرهم من الأمور الثانوية التى لا يلتفت إليها الكثيرون.
ومن نتائج تكريس هذا الواقع المؤلم عدم إقبال الشباب على العمل الخيرى التطوعى ذى المردود الاجتماعى والوطنى ولاتصبح الدافع ية القيمية أو الرمزية ذات شأن يذكر حيث تتغلب الدوافع المادية وتتفشى الروح النفعية نظرا لتضاؤل مكانة القيم المعنوية والأخلاقية وسيادة الشعور بأن ما يصنعه الإنسان لايؤخذ في الاعتبار ولا يلاقي التقدير الذي يستحقه في عالم تحكمه المادة والمصلحة المباشرة ، فيتجه الجميع نحو الأعمال ذات العائد المادي المرتفع على الشخص ذاته أو المنفعة الذاتية الشخصية وينصرفون عن الأعمال العظيمة ذات المردود الجيد على المجتمع والوطن، ولايقدم الشخص العطاء لإيمانه بأن عطاءه سيقابل بالجحود والنكران ولن يلاقي ما يستحقه من وفاء.
ولهذا كان من الضروري علينا كقادة في حركة تربوية أن نعير تلك المسألة اهتماما خاصا فنحاول أن نغرس في نفوس الفتية والشباب تلك الأخلاقيات ونربيهم على الوفاء لمن أعطى وقدم والعرفان بجميل الآخرين وتقدير أصحاب الفضل وتكريمهم بما يستحقون.
وفيما يلي مجموعة من الأمثلة للأساليب التربوية التي يمكن لقائد الوحدة استخدامها في غرس اتجاهات الوفاء والعرفان بالجميل في نفوس الفتية والشباب أعضاء الفرقة أو العشيرة:
القصص (لمرحلتي الأشبال والكشافة):
يقوم الأشبال أو الكشافون بجمع قصص واقعية عن الوفاء وتتم مناقشتها واختيار بعضها لتجسيدها في أعمال مسرحية أو تمثيلية خلال احتفال يقام تحت نفس المسمى.
يقص القائد بعض القصص والحكايات من التراث الشعبي حول نماذج من البشر يتحلون بالوفاء وأثر ذلك في حياتهم.
بطاقات ورسائل الشكر (لمرحلتي الأشبال والكشافة):
إن نشاطا بسيطا كتصميم بطاقات الشكر يمكن أن يستخدم لتنمية اتجاهات الوفاء والعرفان بالجميل كما يلى:
يطلب القائد من الكشافين تصميم بطاقات شكر متنوعة الأشكال لتقديمها إلى من يؤدي إلينا خدمات مفيدة.
- ثم تدور مناقشة حول:
• تحديد الأشخاص الذين يستحقون الشكر ولماذا؟
• أثر مثل هذه البطاقات فيمن يتلقاها.
وهكذا يتعمق لدى الكشافين من خلال المناقشة أهمية الوفاء للآخرين والاعتراف بأهمية ما يؤدونه من خدمات لها فضل كبير على المجتمع.
تكريم الجنود المجهولين في المجتمع (جميع المراحل):
هناك فئات في المجتمع تعمل في صمت وتقوم بالمهام الصعبة والحيوية في نفس الوقت بعيدا عن أضواء الشهرة والمظاهر الاجتماعية ، ومن أمثال هؤلاء : رجل الشرطة ، رجل المرور ، عامل النظافة ، عامل المجاري، عامل الإسعاف ......
فمن النادر أن نتذكر أن هناك من يعمل بجد وإخلاص في مرفق هام كالصرف الصحى مثلا إلا حينما يحدث عطلا أو انسدادا يظهر أثره السلبي في الشوارع ونحتاج إلى جهود هؤلاء العمال البسطاء لإنجاز ما لايستطيع غيرهم إنجازه، وحينما تسير الأمور على ما يرام فنحن نادرا ما نذكرهم.
إن مناقشة من هذا القبيل مع أعضاء الفريق أو العشيرة ينتج عنها الكثير من الأفكار حول كيفية الوفاء لهؤلاء الجنود المجهولين في المجتمع بما يشعرهم عمليا بتقديرنا لخدماتهم ولجهودهم وعرفاننا بجميلهم ودورهم الفعال في حفظ الأمن وتنظيم المرور ونظافة الأحياء وسلامة الصرف الصحى وإنقاذ المصابين....
تستطيع الفرقة أو العشيرة أن تخصص دائما جزءا من احتفالاتها لتكريم بعض من هؤلاء وشكرهم أمام الجميع وبيان جهودهم.
كما يمكن رعاية أبنائهم وضمهم إلى عضوية الفرق الكشفية ليستمتعوا بأنشطتها المتنوعة إلى غير ذلك من وسائل التكريم.
تكريم الرواد (لجميع المراحل):
هناك شخصيات رائدة في كل مجال من مجالات الحياة استطاعت أن تحقق النجاح بجهودها وقيادتها وعملها من أجل الآخرين، والكشفية زاخرة بالقادة الرواد الأوائل ، منهم من قضى نحبه وانتقل إلى رحمة ربه ولازالت أعماله وسيرته باقية تخبر عن مآثره ، ومنهم من لايزالون على قيد الحياة يعانون من مصاعب الشيخوخة ومشكلات تقدم العمر ، فما أحرى بنا أن نعمل على تكريمهم وفاءا لهم وعرفانا لما قدموه من جهد تطوعي كأن له أثره الكبير في انتشار حركتنا الكشفية ووصولها إلينا ولايقتصر واجب التكريم على من عاصروهم ونهلوا من فيضهم فحسب، ولكن يتعداهم إلى غيرهم من القادة والكشافين الذين عرفوا بعطائهم وبفضلهم على الكشفية ونحن جزء منها وتتنوع صور التكريم كالتالي:
- تنظيم زيارة للطليعة أو الرهط لمنازلهم والتعرف عليهم.
- دعوتهم إلى الأنشطة والمناسبات الكشفية.
التواصل معهم من خلال إرسال النشرات والأخبار والأنشطة الكشفية إليهم.
- دعوتهم للكتابة في المطبوعات والنشرات الكشفية.
- دعوتهم للتحدث مع أعضاء الفرقة في أحد الموضوعات.
- تكريمهم في الاحتفالات والمهرجانات.
- إطلاق أسمائهم على مقار وأركان الفرقة وغيرها من الأماكن (كالقاعات ومراكز التدريب ......).
وفى كل من هذه الصور ينبغى التركيز على إظهار الوفاء لهم ولسيرة الراحلين منهم عرفانا بما قاموا به للحركة الكشفية.
الاحتفال بأعياد العطاء (جميع المراحل):
في الكثير من أعيادنا الرسمية وغيرها ما يمكن أن نعتبره عيدا للوفاء وتكريم العطاء ، ومن أمثال ذلك (عيد الأم- عيد الشرطة - عيد العمال - عيد الفلاح - يوم الشهيد- عيد المعلم - أعياد القوات المسلحة - ....) فهي أعياد يحتفل فيها الوطن بهذه الفئات التي تسهر على راحة الآخرين وخدمتهم بمقابل مادي ومعنوي زهيد لايتناسب مع ما يلاقونه من عناء أو أخطار.
فيمكننا أن نتخذ من هذه المناسبات مجالا لتنمية روح الوفاء والعرفان بالجميل ، ففي عيد الأم مثلا .... يتحقق ذلك من خلال المشاركة في تكريم أمهات الكشافين ودعوتهم لتناول الطعام والاستمتاع بفقرات البرنامج الذي أعده الأبناء في هذا اليوم . كما نستطيع تنفيذ بعض الأفكار على مستوى الأسرة بأن يقوم الأبناء خلال هذا اليوم نيابة عن الأم بجميع أعمال المنزل التي اعتادت الأم على القيام بها ، وتنظيم حفل بسيط بهذه المناسبة وتقديم الهدايا الرمزية للأم تعبيرا عن الامتنان والعرفان والشكر والحب الذي نكنه لها.
وهكذا يمكن أن يكون للكشافين (من خلال الفرقة أو الطليعة ) دور في إحياء كل من هذه المناسبات والاحتفال بها من أجل تعزيز قيم الوفاء. وغير ذلك العديد من الأساليب الأخرى التي يمكن متابعة تطبيقها والأنشطة التي يمكن تنفيذها مثل:
- تشجيع بعض الكشافين على جمع الآيات القر آنية والأحاديث النبوية التي تؤكد على فضيلة الوفاء وشرحها لزملائهم عقب الصلوات وفي المناسبات المختلفة.
- تنظيم أنشطة لأبناء العاملين في ميادين خدمة المواطنين (كرجال الإطفاء والشرطة والجيش وغيرهم ) وأبناء الشهداء.
- تنظيم أنشطة لرعاية أبناء العمال في المرافق الخدمية والمساهمة في تلبية احتياجاتهم.
- تحقيق التواصل مع قدامى الكشافين من أعضاء الفرقة الذين تركوا الحركة ودعوتهم للمشاركة في الأنشطة.
- تنظيم أنشطة خاصة يشارك فيها الآباء والأمهات والأجداد.
- الاحتفال بذكرى العلماء والرواد الأوائل الذين أسهموا في خدمة البشرية في شتى الميادين تخليدا لذكراهم واعترافا بفضلهم.
القدوة الحسنة:
إن القادة هم النموذج المتحرك الذي نقدمه للكشافين والأشبال ليحتذوا بهم في كافة تصرفاتهم لذا فإن مسئوليتهم كبيرة في تقديم القدوة الحسنة والعمل على تجسيد القيم والالتزام بها في حياتهم.
فعلى القائد أن يكون رمزا للوفاء والعرفان بالجميل ، فليكن وفيا لقادته ومن علموه ويقص على كشافيه في كل مناسبة كيف أنه تعلم من قادته الكثير ويعبر عن مدى تقديره لفضلهم ووفائه لهم ، ويقوم بدعوتهم كلما سنحت الفرصة للمشاركة في بعض أنشطة الفريق. وأقل الوفاء كلمة شكر نقدمها إلى من أدى إلينا شيئا من الخدمات ، فليلتزم القائد بشكر كل من قام بعمل تطوعي أو أحسن أداء عمله وليكن هذا الشكر أمام أعضاء الفرقة ليتعلموا من هذه المواقف