دائما
ما نعتقد أن هشاشة العظام هي المسؤولة عن كسور العمود الفقري، ولكن
الباحثين في جامعة كايس ويسترن ريزيرف الأميركية، قد توصلوا إلى أن السبب
الحقيقي يعود إلى التطور الذي حدث لفقرات العمود الفقري لكي تتحمل الضغط
الناتج عن مشي المرء منتصبا. وبالمقارنة بالقرود، فإن الإنسان لديه فقرات
أكبر وأكثر مسامية مغطاة بغلاف عظمي أرق بكثير.
تصميم الفقرات ويؤكد العلماء أن تصميم الفقرات
يؤدي مهمته بشكل جيد حتى يصل الرجال والنساء إلى سن الشيخوخة، حيث يكون
هناك نقص في العظام المحيطة بالفقرات، وهو ما يجعلها عرضة للشقوق والكسور.
وعلى الجانب الآخر، يمكن للقرود أيضا أن تعاني
من فقدان العظام عندما تتقدم في السن، ولكن غطاء الفقرات في القرود يكون
أكثر سمكا، ولذا تبقى الفقرات على حالها من دون أن تتأثر.
وقد نشرت نتائج تلك الدراسة على الموقع
الإلكتروني لدورية «PLoS ONE» .. وقال ميغان كوتر، وهو مدرس في علم التشريح
بكلية الطب جامعة كايس ويسترن ريزيرف، وهو المعد الرئيسي للدراسة: «إن
تكوين أو تركيب الفقرات رائع عند المشي، ولكنه ليس كذلك عندما تكون هناك
هشاشة في العظام».
وقام كوتر بإعداد الدراسة مع كل من ديفيد
لوميس، وهو باحث في مختبر ميكانيكا العضلات والعظام في قسم الهندسة
الميكانيكية؛ وسكوت سمبسون، وهو أستاذ في علم التشريح، وبروس لاتيمر، وهو
أستاذ في علم الإنسان، وكلاهما يعمل في مركز أصول الإنسان، وكريستوفر
هيرنانديز، وهو أستاذ سابق في قسم الهندسة الميكانيكية والطيران بجامعة
ويسترن ريزيرف، ويعمل حاليا في جامعة كورنيل.
وخلال دراسته على هيكل الكائن الشبيه بالإنسان
«هومينيد»، وجد لاتيمر كسورا في فقرات الهياكل العظمية البشرية، ولكنه لم
يجد مثل تلك الكسور في بقايا القرود في مجموعة «هامان تود» التي تضم أكثر
من 3000 عينة من بقايا إنسان، و1200 عينة من بقايا القرود، والموجودة في
متحف كليفلاند للتاريخ الطبيعي.
وقد اعتمد الباحثون على قياسات معينة،
واستخدموا المسح الضوئي للأشعة المقطعية لعقد مقارنة بين حجم وشكل الهيكل
والتركيب المجهري والميكانيكا الحيوية وقوة الفقرة الثامنة من الصدر في
الهياكل العظمية للإنسان والشمبانزي والغوريلا وإنسان الغاب. وتم اختيار
الفقرة الثامنة، تحديدا، لأنها عادة ما تتعرض للكسر في الإنسان نتيجة
لهشاشة العظام.
الفقرات وانتصاب القامة
ووجد الباحثون أن تركيب الفقرات مفيد في تخفيف
القوى الناتجة عن المشي على قدمين، وحماية الغضاريف في المفاصل والأقراص
بين الفقرات. وتكون الفقرات في القرود أقصر وأعرض، وتحتوي على حلقة سميكة
حول مركز من الأنسجة المسامية، وهو تصميم مناسب تماما لتوفير الاستقرار
اللازم لتسلق الأشجار والمشي على أطراف القدم.
وقد أشار أحد الأبحاث في الآونة الأخيرة إلى
أن الجلوس كثيرا والنظام الغذائي الحديث هما السبب الرئيسي وراء التعرض
لكسور العظام. ومع ذلك توصل باحثون آخرون إلى أن نفس كسور العمود الفقري
كانت موجودة في الهياكل العظمية للبشر في القرون الوسطى في إنجلترا
وأفريقيا، وكان أسلوب الحياة نشطا للغاية في ذلك الوقت على الأرجح.
وإذا ما عدنا بالزمن إلى أكثر من ذلك، فسوف
نجد أن الإنسان البدائي كانت لديه فقرات كبيرة مثل تلك الموجودة في البشر
الآن، ولكنه كان بالطبع يتبع نظاما غذائيا مختلفا وأسلوب حياة أكثر نشاطا.
وأكد الباحثون أن سجل الحفريات لا يكاد يكتمل،
ولكن لكي يتمكن أسلاف الإنسان من المشي منتصبين كان الأمر يتطلب إعادة
تنظيم كبير لنظام العضلات والعظام من الأسلاف الذين كانوا يمشون على أربع.
وقال كوتر:
«إن عمرنا الآن يصل لنحو ضعف عمر الإنسان عندما حدث ذلك التكيف، وهو ما
أدى إلى ظهور مشكلات كبيرة، ويوضح هذا أننا لم نتطور بشكل متكامل».